كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


تنبيه‏:‏ قال القاضي‏:‏ ورد آنفاً أنه كان إذا قعد نظر إلى السماء فقرأ ‏{‏إن في خلق السماوات والأرض‏}‏ إلى آخر السورة ثم قام فتوضأ وقد دل بهذا على أن المتهجد إذا استيقظ ينبغي أن يشغل كل عضو منه بما هو المطلوب منه والموظف له من الطاعات فيطالع بعينه عجائب الملك والملكوت ثم يتفكر بقلبه فيما انتهى إليه حاسة بصره يعرج بمواقي فكره إلى عالم الجبروت حتى ينتهي إلى سرادقات الكبرياء فيفتح لسانه بالذكر ثم يتبع بدنه نفسه بالتأهب للصلاة وللوقوف في مقامات التناجي والدعاء‏.‏

- ‏(‏حم م عن البراء‏)‏ بن عازب ‏(‏حم خ عد عن حذيفة‏)‏ بن اليمان ‏(‏حم ق عن أبي ذر‏)‏ الغفاري‏.‏

6540 - ‏(‏كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال بسم اللّه‏)‏ وفي رواية باسمك اللّهم ‏(‏وضعت جنبي‏)‏ أي بإقدارك إياي وضعت جنبي ففيه الإيمان بالقدر وفي رواية أنه كان يقول ‏"‏باسمك اللّهم وضعت جنبي وبك أرفعه‏"‏ قال الولي العراقي‏:‏ قال السبكي‏:‏ وينبغي لنا الاقتصار على الوارد فلا يقال أرفعه إن شاء اللّه فإنه لما قدم الجار والمجرور كان المعنى الإخبار بأن الرفع كان باسم اللّه وهو عمدة الكلام ‏(‏اللّهم اغفر لي ذنبي واخسئ شيطاني‏)‏ أي اجعله خاسئا أي مطروداً وهو بوصل الهمزة يقال خسئت الكلب أي طردته وخسأ يتعدى ولا يتعدى ‏(‏وفك رهاني‏)‏ أي خلصني من عقال ما اقترفت نفسي من الأعمال التي لا ترتضيها بالعفو عنها والرهان كسهام الرهن وهو ما يجعل وثيقة بالدين والمراد هنا نفس الإنسان لأنها مرهونة بعملها ‏{‏كل امرئ بما كسب رهين‏}‏ ‏(‏وثقل ميزاني‏)‏ يوم توزن الأعمال ‏(‏واجعلني في الندي الأعلى‏)‏ أي الملأ الأعلى من الملائكة والندي بفتح النون وكسر الدال وتشديد الياء كما في الأذكار القوم المجتمعون في مجلس ومنه ‏[‏ص 92‏]‏ النادي وهذا دعاء يجمع خير الدنيا والآخرة فتتأكد المواظبة عليه كلما أريد النوم وهو من أجل الأدعية المشروعة عنده على كثرتها‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الأدب ‏(‏ك‏)‏ في الدعاء وصححه ‏(‏عن أبي الأزهر‏)‏ قال النووي في الأذكار‏:‏ ويقال أبو زهير الأنماري الشامي قال البغوي في المعجم‏:‏ لم ينسب ولا أدري أله صحبة أم لا، وفي التقريب‏:‏ صحابي لا يعرف اسمه وإسناده حسن‏.‏

6541 - ‏(‏كان إذا أخذ مضجعه‏)‏ من الليل ‏(‏قرأ قل يا أيها الكافرون‏)‏ أي سورتها ‏(‏حتى يختمها‏)‏ ثم ينام على خاتمتها فإنها براءة من الشرك كما جاء معللاً به في خبر آخر‏.‏

- ‏(‏طب عن عباد‏)‏ بن عباد بموحدة مشددة ‏(‏ابن أخضر‏)‏ وهو عباد بن عباد بن علقمة المازني المصري المعروف بابن أخضر وكان زوج أمه وليس بصحابي فليحرر رمز المصنف لحسنه وليس كما زعم فقد أعله الهيثمي وغيره بأن فيه يحيى الحماني ويحيى الجعفي كلاهما ضعيف جداً‏.‏

6542 - ‏(‏كان إذا أخذ أهله‏)‏ أي أحداً من أهل بيته ‏(‏الوعك‏)‏ أي الحمى أو ألمها ‏(‏أمر بالحساء‏)‏ بالفتح والمد طبيخ يتخذ من دقيق وماء ودهن ‏(‏فصنع‏)‏ بالبناء للمفعول ‏(‏ثم أمرهم فحسوا وكان يقول أنه ليرنو‏)‏ بفتح المثناة التحتية وراء ساكنة فمثناة فوقية أي يشد ويقوي ‏(‏فؤاد الحزين‏)‏ قلبه أو رأس معدته ‏(‏ويسرو عن فؤاد السقيم‏)‏ بسين مهملة أي يكشف عن فؤاده الألم ويزيله ‏(‏كما تسرو إحداهن الوسخ بالماء عن وجهها‏)‏ أي تكشفه وتزيله قال ابن القيم‏:‏ هذا ماء الشعير المغلي وهو أكثر غذاء من سويقه نافع للسعال قامع لحدة الفضول مدر للبول جداً قامع للظمأ مطف للحرارة وصفته أن يرض ويوضع عليه من الماء العذب خمسة أمثاله ويطبخ بنار معتدلة إلى أن يبقى خمساه‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الطب ‏(‏ك‏)‏ في الأطعمة كلهم ‏(‏عن عائشة‏)‏ وقال الترمذي‏:‏ حسن صحيح وقال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي‏.‏

6543 - ‏(‏كان إذا ادهن‏)‏ بالتشديد على افتعل تطلى بالدهن أي أراد ذلك ‏(‏صب في راحته‏)‏ أي في بطن كفه ‏(‏اليسرى فبدأ بحاجبيه‏)‏ فدهنهما أولاً ‏(‏ثم عينيه ثم رأسه‏)‏ وفي رواية الطبراني عن عائشة كان إذا دهن لحيته بدأ بالعنفقة‏.‏

- ‏(‏الشيرازي في‏)‏ كتاب ‏(‏الألقاب عن عائشة‏)‏‏.‏

6544 - ‏(‏كان إذا أراد الحاجة‏)‏ أي القعود للبول أو الغائط ‏(‏لم يرفع ثوبه‏)‏ عن عورته لفظ رواية أبي داود حال قيامه بل يصبر ‏(‏حتى يدنو‏)‏ أي يقرب ‏(‏من الأرض‏)‏ فإذا دنا منها رفعه شيئاً فشيئاً وهذا الأدب مستحب اتفاقاً ومحله ما لم يخف تنجس ثوبه وإلا رفع قدر حاجته‏.‏

- ‏(‏د ت‏)‏ في الطهارة ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ‏(‏وعن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ‏(‏طس عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه وقد أشار المصنف لصحته وليس بمسلم فأما من طريقي أبي داود والترمذي فقد قال أبو داود نفسه وتبعه المنذري وعبد السلام بن حرب رواه عن الأعمش عن أنس وهو ضعيف وقال الزين العراقي‏:‏ مداره على الأعمش وقد اختلف عليه فيه ولم يسمع الأعمش من أنس وهو ضعيف وإن كان رآه وفي حديث ابن عمر مجهول وذكر الترمذي في العلل أنه سأل البخاري عن حديث أنس وابن عمر فقال‏:‏ كلاهما مرسل ثم قال أعني العراقي‏:‏ والحديث ‏[‏ص 93‏]‏ ضعيف من جميع طرقه وقد أورد النووي في الخلاصة الحديث في فصل الضعيف فدل على أنه ضعيف عنده من جميع طرقه اهـ‏.‏ قال في موضع آخر‏:‏ الحديث ضعيف من جميع طرقه لأن رواية الأعمش عن ابن عمرو وعن أنس متقطعة وقال الصدر المناوي‏:‏ الحديث ضعيف من رواية ابن عمر وصرح الترمذي أيضاً بضعفه وإرساله قال بعض شراح أبي داود وضعفه للانقطاع أو لأن فيه متهماً وقال عبد الحق‏:‏ الأكثر على أن الحديث مقطوع وأن فيه رجلاً لا يعرف وهو الصحيح وأما من طريق الطبراني فقد قال الحافظ الهيثمي‏:‏ فيه الحسين بن عبد اللّه العجلي قيل إنه كان يضع الحديث‏.‏

6545 - ‏(‏كان إذا أراد الحاجة‏)‏ بالصحراء ‏(‏أبعد‏)‏ بحيث لا يسمع لخارجه صوت ولا يشم له ريح ذكره الفقهاء وقال في الروض‏:‏ لم يبين مقدار البعد وهو مبين في حديث ابن السكن في سننه أي في وتهذيب الآثار للطبري والأوسط والكبير للطبراني أي بسند جيد كما قاله الولي العراقي في شرح أبي داود بأنه على ثلثي فرسخ من مكة أو نحو ميلين أو ثلاثة وهو بفتح الميم الأخيرة وقال أبو دريد‏:‏ الأصح كسرها مفعل من غمست كأنه اشتق من الغميس النبات الأخضر الذي ينبت في الخريوش اليابس وعلى رواية الفتح هو من غمست الثوب غطيته وهو مستور بهضاب الرمضاء والمصطفى صلى اللّه عليه وسلم لم يكن يأتي مكاناً للمذهب إلا وهو مستور منخفض وفيه دليل على ندب الإبعاد لنحوه فإن قيل إنما يحصل الاستتار بذلك عن عيون الإنس فكيف بالجن قلنا يحصل المقصود في الجن وهو عدم قدرتهم على النظر إليه بأن يقول بسم اللّه كما مرّ في الحديث فإن قيل كما ثبت الإبعاد ثبت عدمه أيضاً كما في أبي داود عن حذيفة أجيب بأنه إنما فعله لبيان الجواز أو لحاجة كخوف والبول أخف من الغائط لكراهة ريحه واحتياجه إلى زيادة تكشف وفي معنى الإبعاد اتخاذ الكنيف في البيوت وضرب الحجب وإرخاء الستور وإعماق الحفائر ونحو ذلك مما يستر العورة ويمنع الريح قال الولي العراقي‏:‏ ويلحق بقضاء الحاجة كل ما يستحى منه كالجماع فيندب إخفاؤه بتباعد أو تستر وكذا إزالة القاذورات كنتف إبط وحلق عانة كما نقله والدي عن بعضهم‏.‏

- ‏(‏ه عن بلال بن الحارث‏)‏ المزني قدم سنة خمس في وفد مزينة وأقطعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم العقيق ‏(‏حم ن ه عن عبد الرحمن بن أبي قرار‏)‏ بشديد الراء بضبط المصنف وليس بصحيح ففي التقريب كأصله بضم القاف وتخفيف الراء السليمي الأنصاري ويقال له الفاكه قال الحافظ مغلطاي في شرح ابن ماجه‏:‏ هذا حديث ضعيف لضعف رواته ومنهم كثير بن عبد اللّه بن عمر بن عوف المزني قال أحمد مرة‏:‏ منكر الحديث ومرة‏:‏ لا يساوي شيئاً والنسائي والدارقطني‏:‏ متروك وأبو زرعة‏:‏ واه وقال الشافعي‏:‏ هو ركن من أركان الكذب وابن حبان‏:‏ يروي الموضوع اهـ لكن يعضده رواية أحمد عن المغيرة كان إذا تبرز تباعد ورواية أبي داود عن جابر كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد وهو بمعنى كان إذا أراد الحاجة أبعد لأنه جعل غاية الانطلاق أن لا يراه أحد وذلك إنما يحصل بالإبعاد ذكره الولي العراقي قال‏:‏ فإن قيل يحصل بمكان خال وإن لم يبعد قلنا لا يأتي إلا في الكنف المعدة ولم تكن الكنف اتخذت ذلك الوقت فلا يحصل المقصود من ذلك إلا بالإبعاد‏.‏

6546 - ‏(‏كان إذا أراد أن يبول فأتى عزازاً من الأرض‏)‏ بفتح العين ما صلب واشتد منها من العزوز وهي الناقة الضيقة الإحليل الذي لا ينزل لبنها إلا بجهد وإنما يكون في أطرافها ‏(‏أخذ عوداً فنكت به في الأرض حتى يثير من التراب ثم يبول فيه‏)‏ ليأمن عود الرشاش عليه فينجسه ولأن البول يخد في الأرض اللينة فلا يسيل ومتى سال قد يلوث رجله وذيله إن لم يرفعه فإن رفعه أدى إلى تكشفه فيستحب فعل ذلك لكل من بال بمحل صلب قال النووي‏:‏ وهذا متفق ‏[‏ص 94‏]‏ عليه‏.‏

- ‏(‏د في مراسيله والحارث‏)‏ بن أبي أسامة ‏(‏عن طلحة بن أبي قنان‏)‏ بفتح القاف والنون العبدري مولاهم الدمشقي‏.‏ قال في التقريب كأصله‏:‏ مجهول أرسل حديثاً أي وهو هذا ‏(‏مرسلاً‏)‏ وهو ابن قنان العبدري مولاهم قال ابن القطان‏:‏ لم يذكر عبد الحق لهذا علة إلا الإرسال وطلحة هذا لا يعرف بغير هذا وفي الميزان طلحة هذا لا يدرى من هو تفرد عنه الوليد بن سليمان‏.‏

6547 - ‏(‏كان إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه‏)‏ أي ذكره ‏(‏وتوضأ‏)‏ وضوء ‏(‏للصلاة‏)‏ أي توضأ كما يتوضأ للصلاة وليس معناه أنه توضأ لأداء الصلاة إنما المراد توضأ وضوءاً شرعياً لا لغوياً قال ابن حجر‏:‏ يحتمل أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل سنة مستقلة بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقية الجسد ويحتمل الاكتفاء بغسلها في الوضوء عن إعادته وعليه فيحتاج إلى نية غسل الجنابة في أول جزء وإنما قدم على أعضاء الوضوء تشريفاً لها ولتحصل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى وإلى الثاني ذهب بعض قدماء الشافعية ونقل ابن بطال الإجماع على عدم وجوب الوضوء مع الغسل ورد بأن مذهب داود أن الغسل لا يجزئ عن الوضوء للمحدث‏.‏

- ‏(‏ق د ن ه عن عائشة‏)‏‏.‏

6548 - ‏(‏كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ‏)‏ أي غسل أعضاءه الأربعة بالنية ولما كان الوضوء لغوياً وشرعياً دفع توهم إرادة اللغوي الذي هو مطلق النظافة بقوله ‏(‏وضوءه للصلاة‏)‏ احترازاً عن الوضوء اللغوي فيسن وضوء الجنب للنوم ويكره تركه ونقل ابن العربي عن مالك والشافعي أنه لا يجوز النوم بدونه إن أراد به نفي الحل المستوي الطرفين فمسلم وإلا فهو باطل عند الشافعي إذ لم يقل هو ولا أحد من صحبه بوجوبه ونوم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بغير وضوء وهو جنب بفرض صحة الخبر به لبيان الجواز وحكمة الوضوء تخفيف الحدث سيما إن قلنا بجواز تفريق الغسل فينويه فيرتفع الحدث عن تلك الأعضاء ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة بسند قال ابن حجر‏:‏ رجاله ثقات عن شداد رفعه إذا أجنب أحدكم من الليل ثم أراد أن ينام فليتوضأ فإنه نصف غسل الجنابة وقيل حكمته أنه أحد الطهارتين وعليه فيقوم التيمم مقامه وقد روى البيهقي بإسناد قال ابن حجر‏:‏ حسن عن عائشة كان إذا أجنب فأراد أن ينام توضأ أو تيمم أي عند فقد الماء وقيل حكمته أن ينشط إلى العود أو الغسل ونقل ابن دقيق العيد عن نص الشافعي أنه مثل الجنب الحائض بعد الانقطاع وفيه ندب التنظف عند النوم قال ابن الجوزي‏:‏ وحكمته أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريه بخلاف الشياطين ‏(‏وإذا أراد أن يأكل أو يشرب وهو جنب غسل يديه ثم يأكل ويشرب‏)‏ لأن أكل الجنب بدون ذلك يورث الفقر كما جاء في خبر الديلمي عن شداد بن أوس يرفعه‏:‏ ثلاث تورث الفقر أكل الرجل وهو جنب قبل أن يغسل يديه وقيامه عرياناً بلا مئزر وسترة والمرأة تشتم زوجها في وجهه‏.‏

- ‏(‏د ن ه عن عائشة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات وفي الميزان عن ابن عدي‏:‏ منكر‏.‏

6549 - ‏(‏كان إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه‏)‏ أي يلصق بشرته ببشرتها، قال الحرالي‏:‏ المباشرة التقاء البشرتين عمداً وليس المراد هنا الجماع فقط ‏(‏وهي حائض أمرها أن تتزر ثم يباشرها‏)‏ بالمئزر أي بالاتزار اتقاءا عن محل الأذى وفي رواية تأتزر بهمزتين قال القاضي كالهروي‏:‏ وهي الصواب فإن الهمزة لا تدغم في التاء ولعل الإدغام من تحريف ‏[‏ص 95‏]‏ بعض الرواة وفي المفصل إنه خطأ لكن قيل أنه مذهب كوفي والمراد أمرها بعقد إزار في وسطها بستر ما بين سرتها وركبتها كالسراويل ونحوه أي يضاجعها ويمس بشرتها وتمس بشرته للأمن حينئذ من الوقوع في الوقاع المحرم وهو عليه الصلاة والسلام أملك الناس لأربه ولا يخاف عليه ما يخاف عليهم من أن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه لكنه فعل ذلك تشريعاً للأمة فأفاد أن الاستمتاع بما بين سرة الحائض وركبتها بلا حائل حرام وبه قال الجمهور وهو الجاري على قواعد المالكية في سد الذرائع ويجوز بحائل والحديث مخصص لآية ‏{‏فاعتزلوا النساء في المحيض‏}‏ وفيه تبليغ أفعال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم للاقتداء به وإن كانت مما يستحى ذكره عادة‏.‏

- ‏(‏خ د عن ميمونة‏)‏ ورواه عنه أيضاً البيهقي وغيره‏.‏

6550 - ‏(‏كان إذا أراد من الحائض شيئاً‏)‏ يعني مباشرة فيما دون الفرج كالمفاخذة فكنى بها عنه ‏(‏ألقى على فرجها ثوباً‏)‏ ظاهره أن الاستمتاع المحرم إنما هو بالفرج فقط وهو قول للشافعي ورجحه النووي من جهة الدليل وهو مذهب الحنابلة وحملوا الأول على الندب جمعاً بين الأدلة قال ابن دقيق العيد‏:‏ ليس في الأول ما يقتضي منع ما تحت الإزار لأنه فعل مجرد وفصل بعضهم بين من يملك أربه وغيره‏.‏

- ‏(‏د عن بعض أمهات المؤمنين‏)‏ قال ابن حجر‏:‏ وإسناده قوي قال ابن عبد الهادي‏:‏ انفرد بإخراجه أبو داود وإسناده صحيح‏.‏

6551 - ‏(‏كان إذا أراد سفراً‏)‏ أي للغزو أو نحوه ومفهومه اختصاص القرعة بحالة السفر قال ابن حجر‏:‏ وليس عمومه مراداً بل يقرع فيما لو أراد القسم بينهن فلا يبدأ بأيهن شاء بل يقرع فمن قرعت بدأ بها وفي رواية للبخاري كان إذا أراد أن يخرج إلى سفر ‏(‏أقرع بين نسائه‏)‏ تطييباً لنفوسهن وحذراً من الترجيح بلا مرجح عملاً بالعدل، لأن المقيمة وإن كانت في راحة لكن يفوتها الاستمتاع بالزوج والمسافرة وإن حظيت عنده بذلك تتأذى بمشقة السفر فإيثار بعضهن بهذا وبعضهن بهذا اختياراً عدول عن الانصاف ومن ثم كان الاقراع واجباً لكن محل الوجوب في حق الأمة لا في حقه عليه الصلاة والسلام لعدم وجوب القسم عليه كما نبه عليه ابن أبي جمرة ‏(‏فأيتهن‏)‏ بتاء التأنيث أي أية امرأة منهن وروي فأيهن بدون تأنيث‏.‏ قال الزركشي‏:‏ والأول هو الوجه قال الدماميني‏:‏ ودعواه أن الرواية الثانية ليست على الوجه خطأ إذ المنقول إذا أريد بأي المؤنث جاز إلحاق التاء به موصولاً كان أو استفهاماً أو غيرهما ‏(‏خرج سهمها خرج بها معه‏)‏ في صحبته وفي رواية أخرج بزيادة همزة قال ابن حجر‏:‏ والأول الصواب وهذا أول حديث الإفك وفيه حل السفر بالزوجة وخروج النساء في الغزوات وذلك مباح إذا كان العسكر تؤمن عليه الغلبة وكان خروج النساء مع المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في الجهاد فيه مصلحة بينة لإعانتهن على ما لا بد منه وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته كما في البخاري وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم تبتغي بذلك رضا اللّه ورسوله هكذا ذكره في كتاب الهبة وفيه مشروعية القرعة في القسمة بين الشركاء ونحو ذلك والمشهور عن الحنفية والمالكية عدم اعتبارها‏.‏

- ‏(‏ق‏)‏ في الإفك ‏(‏د ه عن عائشة‏)‏ وروي عن غيرها أيضاً‏.‏

6552 - ‏(‏كان إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد‏)‏ أي بأطيب ما تيسر عنده من طيب الرجال فيندب التطيب عند إرادة الإحرام وكونه بأطيب الطيب وأنه لا بأس باستدامته ومنعه مالك وفي الحديث رد عليه‏.‏

- ‏(‏م عن عائشة‏)‏‏.‏

‏[‏ص 96‏]‏ 6553 - ‏(‏كان إذا أراد أن يتحف الرجل بتحفة‏)‏ كرطبة وقد تسكن الحاء ما أنحفت به غيرك ‏(‏سقاه من ماء زمزم‏)‏ لجموم فضائله وعموم فوائده ومدحه في الكتب الإلهية قال وهب‏:‏ إنكم لا تدرون ماء زمزم واللّه إنها لفي كتاب اللّه أي التوراة المضنونة وبرء وشراب الأبرار لا تنزف ولا تدم طعام من طعم وشفاء من سقم لا يعمد إليها امرؤ فيتضلع منها إلا نفت ما به من داء وأحدثت له شفاء والنظر إلى زمزم عبادة تحط الخطايا حطاً رواه عبد الرزاق وابن منصور بسند فيه انقطاع‏.‏

- ‏(‏حل عن ابن عباس‏)‏ قال ابن حجر‏:‏ هذا غريب من هذا الوجه مرفوعاً والمحفوظ وقفه وفيه مقال من جهة محمد بن حميد الرازي ومن لطائف إسناده أنه من رواية الأكابر عن الأصاغر وخرجه الفاكهي في تاريخ مكة موقوفاً بسند على شرط الشيخين‏.‏

6554 - ‏(‏كان إذا أراد أن يدعو على أحد‏)‏ في صلاته ‏(‏أو يدعو لأحد‏)‏ فيها ‏(‏قنت‏)‏ بالقنوت المشهور عنه ‏(‏بعد الركوع‏)‏ تمسك بمفهومه من زعم أن القنوت قبل الركوع قال‏:‏ وإنما يكون بعده عند الدعاء على قوم أو لقوم وتعقب باحتمال أن مفهومه أن القنوت لم يقع إلا في هذه الحالة‏.‏

- ‏(‏خ‏)‏ بهذا اللفظ في التفسير ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الذهبي‏:‏ وروى مسلم نحوه اهـ‏.‏ فما أوهمه صنيع المصنف من أن هذا مما تفرد به البخاري غير جيد والتشبث بالخلف اللفظي خيال‏.‏

6555 - ‏(‏كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر‏)‏ أي صلاته ‏(‏ثم دخل معتكفه‏)‏ في رواية في معتكفه أي انقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاته الصبح لأن ذلك وقت ابتداء اعتكافه بل كان يعتكف من الغروب ليلة الحادي والعشرين وإلا لما كان معتكفاً للعشر بتمامه الذي ورد في عدة أخبار أنه كان يعتكف العشر بتمامه وهذا هو المعتبر عند الجمهور لمن يريد اعتكاف عشر أو شهر وبه قال الأئمة الأربعة ذكره الحافظ العراقي وغيره‏.‏

- ‏(‏د ت‏)‏ في الاعتكاف ‏(‏عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لحسنه فظاهر صنيعه أنه لم يروه أحد من الستة غير هذين والأمر بخلافه بل رواه الجماعة جميعاً لكن عذره أن الشيخين إنما روياه مطولاً في ضمن حديث فلم يتنبه له لوقوعه ضمناً‏.‏

6556 - ‏(‏كان إذا أراد أن يودع الجيش‏)‏ الذي يجهزه للغزو ‏(‏قال أستودع اللّه دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم‏)‏ قال الطيبي‏:‏ قوله أستودع اللّه هو طلب حفظ الوديعة وفيه نوع مشاكلة للتوديع جعل دينهم وأمانتهم من الودائع لأن السفر يصيب الإنسان فيه المشقة والخوف فيكون ذلك سبباً لإهمال بعض أمور الدين فدعا المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لهم بالمعونة في الدين والتوفيق فيه ولا يخلو المسافر من الاشتغال بما يحتاج فيه إلى نحو أخذ وإعطاء وعشرة فدعا للناس المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بحفظ الأمانة وتجنب الخيانة ثم بحسن الإختتام ليكون مأمون العاقبة عما سواه في الدنيا والدين‏.‏

- ‏(‏د ك‏)‏ في الجهاد، وكذا النسائي في اليوم والليلة ‏(‏عن عبد اللّه بن يزيد الخطمي‏)‏ بفتح المعجمة وسكون المهملة صحابي صغير شهد الحديبية وولى الكوفة‏.‏ قال في الأذكار‏:‏ حديث صحيح، وقال في الرياض‏:‏ رواه أبو داود بإسناد صحيح‏.‏

6557 - ‏(‏كان إذا أراد غزوة ورّى‏)‏ بتشديد الراء أي سترها وكنى عنها ‏(‏بغيرها‏)‏ أي بغير تلك الغزوة التي أرادها ‏[‏ص 97‏]‏ فيوهم أنه يريد غزو جهة أخرى كان يقول إذا أراد غزو خيبر كيف تجدوا مياهها موهماً أنه يريد غزو مكة لا أنه يقول أريد غزو خيبر وهو يريد مكة فإنه كذب وهو محال عليه والتورية أن يذكر لفظاً يحتمل معنيين أحدهما أقرب من الآخر فيسأل عنه وعن طريقه فيفهم السامع بسبب ذلك أنه يقصد المحل القريب والمتكلم صادق لكن لخلل وقع من فهم السامع خاصة، وأصله من وريت الخبر تورية سترته وأظهرت غيره وأصله ورّا الإنسان لأنه من ورى بشيء كأنه جعله وراءه وضبطه السيرافي في شرح سيبويه بالهمزة وأصحاب الحديث لم يضبطوا فيه الهمزة فكأنهم سهلوها وذلك لئلا يتفطن العدوّ فيستعد للدفع والحرب كما قال الحرب خدعة، وفي البخاري أيضاً كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورّى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها في حرّ شديد واستقبل سفراً بعيداً ومفاوز واستقبل غزو عدوّ كثير فجلى المسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بجهته الذي يريد، وعن كعب بن مالك ظاهر صنيعه أنه لا يوجد مخرجاً في أحد الصحيحين وهو وهم بل هو فيهما فقد قال الحافظ العراقي‏:‏ هو متفق عليه اهـ‏.‏ وهو في البخاري في غزوة تبوك وفي موضع آخر وفي مسلم في التوبة كلاهما عن كعب المزبور مطولا ولفظهما‏:‏ لم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة يعني تبوك غزاها في حرّ شديد واستقبل سفراً بعيداً وغزوا كثيراً فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بجهته الذي يريد اهـ‏.‏ وقد تقرر غير مرة عن مغلطاي وغيره من أهل الفنّ أنه ليس لحديثي عزو حديث لغير الشيخين مع وجود ما يفيده لأحدهما‏.‏

6558 - ‏(‏كان إذا أراد أن يرقد‏)‏ في رواية بدله ينام ‏(‏وضع يده اليمنى تحت خده‏)‏ في رواية رأسه ‏(‏ثم يقول‏:‏ اللّهم قني عذابك‏)‏ أي أجرني منه ‏(‏يوم تبعث‏)‏ في رواية تجمع ‏(‏عبادك‏)‏ من القبور إلى النشور للحساب يقول ذلك ‏(‏ثلاث مرات‏)‏ أي يكرره ثلاثاً والظاهر حصول أصل السنة بمرة وكمالها باستكمال الثلاث‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الأدب وكذا النسائي في يوم وليلة كلاهما ‏(‏عن حفصة‏)‏ أم المؤمنين ورواه الترمذي عن حذيفة لكن بدون التثليث وحسنه ورمز المصنف لحسنه‏.‏

6559 - ‏(‏كان إذا أراد أمراً‏)‏ أي فعل أمر من الأمور استخار اللّه تعالى ‏(‏قال اللّهم خر لي واختر لي‏)‏ أي اختر لي أصلح الأمرين واجعل لي الخيرة فيه فالخيرات كلها من خيرته والصفوة من الخيرات مختارة‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ عن عائشة ‏(‏عن أبي بكر‏)‏ الصديق وفيه زنفل العوفي قال في الميزان‏:‏ ضعفه الدارقطني وساق له هذا الخبر، وقال النووي في الأذكار بعد عزوه للترمذي‏:‏ سنده ضعيف، وقال ابن حجر بعدما عزاه للترمذي‏:‏ سنده ضعيف‏.‏

6560 - ‏(‏كان إذا أراد سفراً قال‏)‏ عند خروجه له ‏(‏اللّهم بك أصول‏)‏ أي أسطو على العدوّ وأحمل عليه ‏(‏وبك أحول‏)‏ عن المعصية أو أحتال والمراد كيد العدوّ ‏(‏وبك أسير‏)‏ إلى العدو فانصرني عليهم‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ المحاولة طلب الشيء بحيلة ونظيرها المراوغة والمصاولة المواثبة وهو من حال يحول حيلة بمعنى احتال، والمراد كيد العدوّ وقيل هو من حال بمعنى تحرك اهـ‏.‏

تنبيه‏:‏ في حاشية الكشاف للطيبي في آية ‏{‏الآن خفف اللّه عنكم‏}‏ هذا التخفيف للأمة دون النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ومن لا يثقله حمل أمانة النبوة كيف يخاطب بتخفيف لقاء الأضداد وكيف يخاطب به وهو الذي يقول في هذا الحديث بك أصول وبك أحول، ومن كان به كيف يخفف عنه أو يثقل عليه‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ وكذا البزار ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ رجالهما ثقات اهـ‏.‏ فإشارة المصنف لحسنه تقصير بل حقه الرمز لصحته‏.‏

‏[‏ص 98‏]‏ 6561 - ‏(‏كان إذا أراد أن يزوِّج امرأة من نسائه‏)‏ يعني من أقاربه أو بنات أصحابه الأقربين ‏(‏يأتيها من وراء الحجاب فيقول لها يا بنية إن فلاناً قد خطبك فإن كرهتيه فقولي لا فإنه لا يستحي أحد أن يقول لا، وإن أحببت فإن سكوتك إقرار‏)‏ زاد في رواية فإن حركت الخدر لم يزوجها وإن لم تحركه أنكحها فيستحب لكل ولي مجبر أن يفعل ذلك مع موليته لأنه أطيب للنفس وأحمد عاقبة‏.‏

- ‏(‏طب عن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ فيه يزيد بن عبد الملك النوفلي وهو متروك، وقد وثقه ابن معين في رواية ورواه ابن عدي في الكامل وابن أبي حاتم في العلل وأبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ والغرياني في كتاب النكاح ورواه البيهقي عن ابن عباس وعكرمة المخزومي وغيرهما‏.‏

6562 - ‏(‏كان إذا استجد ثوباً‏)‏ أي لبس ثوباً جديداً ‏(‏سماه‏)‏ أي الثوب ‏(‏باسمه قميصاً‏)‏ أي سواء كان قميصاً ‏(‏أو عمامة أو رداء‏)‏ بأن يقول رزقني اللّه هذه العمامة‏.‏ كذا قرره البيضاوي ‏(‏ثم يقول اللّهم لك الحمد أنت كسوتنيه‏)‏ قال الطيبي‏:‏ الضمير راجع إلى المسمى وقال المظهر‏:‏ يحتمل أن يسميه عند قوله اللّهم لك الحمد كما كسوتني هذه العمامة والأول أوجه لدلالة العطف بثم وفيه ردٌّ، وقوله كما كسوتنيه مرفوع المحل مبتدأ وخبره ‏(‏أسألك من خيره‏)‏ وهو المشبه أي مثل ما كسوتنيه من غير حول مني ولا قوة ‏(‏وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له‏)‏ وقال ابن العربي‏:‏ خير ما صنع له استعماله في الطاعة وشر ما صنع له استعماله في المعصية وفيه ندب للذكر المذكور لكل من لبس ثوباً جديداً والظاهر أن ذلك يستحب لمن ابتدأ لبس غير ثوب جديد بأن كان ملبوساً، ثم رأيت الزين العراقي قال‏:‏ يستحب عند لبس الجديد وغيره بدليل رواية ابن السني في اليوم والليلة إذا لبس ثوباً‏.‏

- ‏(‏حم د ت‏)‏ كلاهما في اللباس ‏(‏ك‏)‏ في اللباس أيضاً كلهم ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال الترمذي‏:‏ حسن، وقال النووي‏:‏ صحيح، ورواه أيضاً النسائي في اليوم والليلة وابن السني‏.‏

6563 - ‏(‏كان إذا استجد ثوباً لبسه يوم الجمعة‏)‏ لكونه أفضل أيام الأسبوع فتعود بركته على الثوب وعلى لابسه‏.‏

- ‏(‏خط عن أنس‏)‏ قال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح وعنبسة أحد رواته مجروح ومحمد بن عبيد اللّه الأنصاري يروي عن الأثبات ما ليس من حديثهم فلا يجوز الاحتجاج به‏.‏

6564 - ‏(‏كان إذا استراث الخبر‏)‏ أي استبطأ وهو استفعل من الريث وهو الاستبطاء يقال راث ريثا أبطأ واسترثته استبطأته ‏(‏تمثل ببيت طرفة‏)‏ وهو قوله ‏(‏ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد‏)‏ وأوّله * ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا * وفي رواية أنه كان أبغض الحديث إليه الشعر غير أنه تمثل مرة ببيت أخي قيس بن طرفة ستبدى إلخ والتمثيل إنشاد بيت ثم آخر ثم آخر وتمثل بشيء ضربه مثلاً كذا في القاموس والمثل الكلام الموزون في مورد خاص ثم شاع في ‏[‏ص 99‏]‏ معنى يصح أن تورده باعتبار أمثال مورودة‏.‏

- ‏(‏حم عن عائشة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح قال‏:‏ ورواه الترمذي أيضاً لكن جعل مكانه طرفة بن رواحة‏.‏

6565 - ‏(‏كان إذا استسقى‏)‏ أي طلب الغيث عند الحاجة إليه ‏(‏قال اللّهم اسق عبادك‏)‏ لأنهم عبيدك المتذللون الخاضعون لك فالعباد هنا كالسبب للسقي ‏(‏وبهائمك‏)‏ جمع بهيمة وهي كل ذات أربع لأنهم يرحمون فيسقون وفي خبر لابن ماجه لولا البهائم لم تمطروا ‏(‏وانشر رحمتك‏)‏ أي ابسط بركات غيثك ومنافعه على عبادك ‏(‏وأحي بلدك الميت‏)‏ قال الطيبي‏:‏ يريد به بعض بلاد المبعدين عن مظان الماء الذي لا ينبت فيه عشب للجذب فسماه ميتاً على الاستعارة ثم فرع عليه الأحياء وزاد الطبراني في روايته واسقه مما خلقت أنعاماً وأناسي كثيراً‏.‏

- ‏(‏د عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال النووي في الأذكار‏:‏ وإسناده صحيح وقال ابن القطان‏:‏ فيه علي بن قادم وهو وإن كان صدوقاً فإنه مستضعف ضعفه يحيى وقال ابن عدي‏:‏ نقبت عليه أحاديث رواها عن الثوري وهذا منها، وأورده في الميزان في ترجمة عبد الرحمن بن محمد الحارثي وقال‏:‏ حدث بأشياء لم يتابع عليها اهـ‏.‏ وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه وتصحيح النووي له‏.‏

6566 - ‏(‏كان إذا استسقى قال اللّهم أنزل في أرضنا بركتها وزينتها‏)‏ أي نباتها الذي يزينها ‏(‏وسكنها‏)‏ بفتح السين والكاف أي غياث أهلها الذي تسكن إليه نفوسهم ‏(‏وارزقنا وأنت خير الرازقين‏)‏‏.‏

- ‏(‏أبو عوانة‏)‏ في صحيحه المشهور ‏(‏طب‏)‏ كلاهما ‏(‏عن سمرة‏)‏ قال ابن حجر‏:‏ إسناده ضعيف‏.‏

6567 - ‏(‏كان إذا استفتح‏)‏ الذي وقفت عليه في أصول مخرجي هذا الحديث افتتح ‏(‏الصلاة‏)‏ أي ابتدأ فيها ‏(‏قال‏)‏ أي بعد تكبيرة الإحرام ‏(‏سبحانك اللّهم وبحمدك وتبارك اسمك‏)‏ قال ابن الأثير‏:‏ الاسم هنا صلة قال الفخر الرازي‏:‏ وكما يجب تنزيه ذاته عن النقائص يجب تنزيه الألفاظ الموضوعة لها عن الرفث وسوء الأدب ‏(‏وتعالى جدك‏)‏ أي على جلالك وعظمتك والجد الحظ والسعادة والغنى ‏(‏ولا إله غيرك‏)‏ لفظ رواية الترمذي كان إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر ثم يقول سبحانك اللّه وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ثم يقول أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه اهـ‏.‏ قال الطيبي‏:‏ والواو في وبحمدك للحال أو هو عطف جملة فعلية على مثلها إذ التقدير أنزهك تنزيهاً وأسبحك تسبيحاً مقيداً بشكرك وعلى التقديرين اللّهم جملة معترضة والجار والمجرور أعني بحمدك متصل بفعل مقدر والباء سببية أو حال من فاعل أو صفة لمصدر محذوف أي نسبح بالثناء عليك أو متلبسين بشكرك أو تسبيحاً مقيداً بشكرك وفيه رد على مالك في ذهابه إلى عدم سنّ الافتتاح لكن قال الحافظ ابن حجر‏:‏ يعارض حديث الاستفتاح حديث أنس أن المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يستفتحون الصلاة بالحمد للّه رب العالمين أخرجاه، وخبر مسلم عن جابر كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد للّه رب العالمين ثم إن الحديث المشروح قد تمسك به الحنابلة على أن السنة في الافتتاح إنما هي ما ذكر مخالفين ‏[‏ص 100‏]‏ للشافعي في ذهابه إلى ندبه بقوله وجهت وجهي إلخ‏.‏

- ‏(‏د ت ه ك‏)‏ وصححه ‏(‏عن عائشة‏)‏ ثم قال مخرجه أبو داود‏:‏ لم يروه عن عبد السلام غير طلق بن غنام وليس هذا الحديث بالقوي وقال النووي في الأذكار‏:‏ رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه بأسانيد ضعيفة قال الذهبي‏:‏ خرجه الترمذي من طريق حارثة بن أبي الرجال وهو واه ‏(‏ن ه ك عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال الذهبي‏:‏ فيه علي بن علي الرفاعي وفيه لين ‏(‏طب عن ابن مسعود وعن واثلة‏)‏ بن الأسقع قال الصدر المناوي‏:‏ روي مرفوعاً عن عائشة وأبي سعيد والكل ضعيف ورواه مسلم موقوفاً قال‏:‏ ووهم المحب الطبري حيث عزاه للسبعة أي الستة وأحمد فإنه ليس في الصحيح بل ولا صحيح بل ضعيف وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه‏:‏ فيه علة خفية وهي الانقطاع بين أبي الجوزاء أوس بن عبد اللّه وعائشة فإنه لم يسمع منها وقال الحافظ ابن حجر‏:‏ رجاله ثقات لكن فيه انقطاع وأعله أبو داود وغيره وقال الهيثمي في رواية الطبراني‏:‏ فيه عمرو بن حسين وهو ضعيف وقال الطيبي‏:‏ حديث حسن قال‏:‏ وقد رماه في المصابيح بالضعف وليس الأمر كما توهمه‏.‏

6568 - ‏(‏كان إذا استلم الركن‏)‏ اليماني ‏(‏قبله‏)‏ بغير صوت ‏(‏ووضع خده الأيمن عليه‏)‏ ومن ثم ذهب جمع من الأئمة إلى ندب ذلك لكن مذهب الأئمة الأربعة أنه يستلمه ويقبل يده ولا يقبله‏.‏

- ‏(‏هق‏)‏ من حديث عبد اللّه بن مسلم بن هرمز عن مجاهد ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ثم قال أعني البيهقي‏:‏ وعبد اللّه ضعيف وتعقبه الذهبي في المهذب فقال‏:‏ قال أحمد صالح الحديث لكنه نقل في الميزان تضعيفه عن ابن معين والنسائي وابن المديني وأورد له هذا الحديث‏.‏

6569 - ‏(‏كان إذا استن‏)‏ أي تسوّك من السن وهو إمرار شيء فيه خشونة على آخر ومنه المسن ‏(‏أعطى السواك الأكبر‏)‏ أي يناوله بعد ما تسوك به إلى أكبر القوم الحاضرين لأن توقير الأكبر واجب وإذا لم نبدأ به لم نوقره وسيجيء في خبر ‏"‏ليس منا من لم يوقر كبيرنا‏"‏ فيندب تقديم الأكبر في السواك وغيره من سائر وجوه الإكرام والتوقير وفيه حل الاستياك بحضرة الغير والظاهر أن المراد به الأفضل ويحتمل الأسن ثم محل تقديمه ‏[‏ قال الشيخ وهذا يشعر بجواز دفع السواك للغير لكن حمله على جوازه بكراهة في شأن غير الشارع على أنه كان يفعل ذلك لبيان الجواز فلا ينافي كراهة الاستياك بسواك الغير‏.‏‏]‏ ما لم يؤد إلى ترك سنته ككون من عن اليمين خلافه كما يشير إليه قوله ‏(‏وإذا شرب‏)‏ ماءً أو لبناً ‏(‏أعطى الذي عن يمينه‏)‏ ولو مفضولاً صغيراً كما مر قيل وفيه أيضاً مشروعية الهبة وفيه ما فيه قال ابن حجر‏:‏ وظاهر تخصيص الشراب أن ذلك لا يجري في الأكل لكن وقع في حديث أنس خلافه‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي في النوادر ‏(‏عن عبد اللّه بن كعب‏)‏ بن مالك السلمي قال في التقريب‏:‏ يقال له رؤية أي ولا رواية له اتفاقاً فالحديث مرسل‏.‏

6570 - ‏(‏كان إذا اشتد البرد بكر بالصلاة‏)‏ أي بصلاة الظهر يعني صلاها في أول وقتها وكل من أسرع إلى شيء فقد بكر إليه ‏(‏وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة‏)‏ أي دخل بها في البرد بأن يؤخرها إلى أن يصير للحيطان ظل يمشي فيه قاصداً الجماعة قال الإمام البخاري‏:‏ يعني هنا صلاة الجمعة قياساً على الظهر لا بالنص لأن أكثر الأحاديث تدل على الإبراد بالظهر وعلى التبكير بالجمعة مطلقاً وقوله أعني البخاري يعني الجمعة يحتمل كونه قول التابعي مما فهم وكونه من تفقه فترجح عنده إلحاقاً بالظهر لأنها إما ظهر وزيادة أو بدل عن الظهر لكن الأصح من مذهب الشافعي عدم الإبراد بها‏.‏

- ‏(‏خ ن عن أنس‏)‏ بن مالك ولم يخرجه ‏[‏ص 101‏]‏ مسلم ولا الثلاثة وإطلاق الصدر المناوي أن أصحاب السنن الأربعة لم يخرجوه ذهول عن النسائي‏.‏

6571 - ‏(‏كان إذا اشتد الريح الشمأل‏)‏ هي مقابل الجنوب ‏(‏قال اللّهم إني أعوذ بك من شر ما أرسلت فيها‏)‏ وفي رواية بدله من شر ما أرسلت به والمراد أنها قد تبعث عذاباً على قوم فتعوّذ من ذلك فتندب المحافظة على قول ذلك عند اشتدادها وعدم الغفلة عنه‏.‏

- ‏(‏ابن السني‏)‏ وكذا البزار ‏(‏طب‏)‏ كلهم ‏(‏عن عثمان بن أبي العاص‏)‏ رمز المصنف لحسنه وهو غير جيد فقد قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد الرحمن بن إسحاق وأبو شيبة كلاهما ضعيف‏.‏

6572 - ‏(‏كان إذا اشتد الريح قال اللّهم‏)‏ اجعلها ‏(‏لقحاً‏)‏ بفتح اللام والقاف من باب تعب أي حاملاً للماء كاللقحة من الإبل ‏(‏لا عقيماً‏)‏ لا ماء فيها كالعقيم من الحيوان لا ولد له شبه الريح التي جاءت بخير من إنشاء سحاب ماطر بالحامل كما شبه ما لا يكون كذلك بالعقيم ‏{‏وأرسلنا الرياح لواقح‏}‏‏.‏

- ‏(‏حب ك‏)‏ في الأدب وكذا ابن السني كلهم ‏(‏عن سلمة بن الأكوع‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرطهما وأقره الذهبي قال في الأذكار‏:‏ إسناده صحيح‏.‏

6573 - ‏(‏كان إذا اشتكى‏)‏ أي مرض ‏(‏نفث‏)‏ بالمثلثة أي خرج الريح من فمه مع شيء من ريقه ‏(‏على نفسه بالمعوذات‏)‏ بالواو المشددة‏:‏ الإخلاص واللتين بعدها، فهو من باب التغليب أو المراد‏:‏ الفلق والناس، وجمع باعتبار أن أقل الجمع اثنان أو المراد الكلمات المعوذات باللّه من الشيطان والأمراض أي قرأها ونفث الريح على نفيه أو أن المعوذتين وكل آية تشبههما نحو ‏{‏وإن يكاد‏}‏ الآية أو أطلق الجمع على التثنية مجازاً ذكره القاضي‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ والنفث بالفم شبيه بالنفخ ويقال نفث الراقي ريقه وهو أقل من التفل والحية تنفث السم ومنه قولهم لا بد للمصدور أن ينفث ويقال أراد فلان أن يقر بحقي فنفث في ذؤابة إنسان حتى أفسده ‏(‏ومسح عنه بيده‏)‏ لفظ رواية مسلم بيمينه أي مسح من ذلك النفث بيمينه أعضاءه وقال الطيبي‏:‏ الضمير في عنه راجع إلى ذلك النفث والجار والمجرور حال أي نفث على بعض جسده ثم مسح بيده متجاوزاً عن ذلك النفث إلى جميع أعضائه وفائدة النفث التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء الذي ماسه الذكر كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر وفيه تفاؤل بزوال الألم وانفصاله كانفصال ذلك الريق وخص المعوذات لما فيها من الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلاً ففي الإخلاص كمال التوحيد الاعتقادي وفي الاستعاذة من شر ما خلق ما يعم الأشباح والأرواح وبقية هذا الحديث في صحيح البخاري فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه فطفقت أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث فرفع رأسه إلى السماء وقال في الرفيق الأعلى‏.‏

تنبيه‏:‏ قال الحكيم‏:‏ جاء في رواية بدل فنفث فقرأ فدل على أن النفث قبل القراءة وفي حديث بدأ بذكر القرآن ثم النفث وفي آخر بدأ بذكر النفث بالقراءة فلا يكون النفث إلا بعد القراءة وإذا فعل الشيء لشيء كان ذلك الشيء مقدماً حتى يأتي الثاني وفي حديث آخر نفث بقل هو اللّه أحد وذلك يدل على أن القراءة تقدم ثم نفث ببركتها لأن القصد وصول نورها إلى الجسد فلا يصل إلا بذلك فإذا قرأ استنار صدره بنور المقروء الذي يتلوه كل قارئ على قدره والنفث من الروح والنفخ من النفس وعلامته أن الروح باردة والنفس حارة فإذا قال نفث خرجت الريح باردة لبرد الروح وإذا قال هاه خرجت حارة فتلك نفثه والثانية نفخة وذلك لأن الروح مسكنه الرأس ثم ينبث في البدن والنفس في البطن ثم ينبث في البدن كله وفي كل منهما حياة بهما يستعملان البدن بالحركة ولا روح سماوية والنفس أرضية والروح شأنه الطاعة والنفس ضده فإذا ضم شفتيه اعتصر الروح في مسكنه فإذا أرسله خرج إلى شفتيه مع برد فذلك النفث ‏[‏ص 102‏]‏ وإذا فتح فاه اعتصرت النفس فإذا أرسله خرجت ريح جلدة فلذلك ذكر في الحديث النفث لأن الروح أسرع نهوضاً إلى نور تلك الكلمات والنفس ثقيلة بطيئة وإذا صار الريح بالنفث إلى الكفين مسح بهما وجهه وما أقبل من بدنه لأن قبالة المؤمن حيث كان فهو لقبالة اللّه فإذ فعل ذلك بجسده عند إيوائه إلى فراشه أو عند مرضه كان كمن اغتسل بأطهر ماء وأطيبه فما ظنك بمن يغتسل بأنوار كلمات اللّه تعالى‏.‏

فائدة‏:‏ قال القاضي‏:‏ شهدت المباحث الطبية على أن الريق له دخل في النضح وتبديل المزاج ولتراب الوطن تأثير في حفظ المزاج الأصلي ودفع نكاية المغيرات ولهذا ذكروا في تدبير المسافر أنه يستصحب تراب أرضه إن عجز عن استصحاب مائها حتى إذا ورد غير الماء الذي تعود شربه ووافق مزاجه جعل شيئاً منه في سقايته ويشرب الماء من رأسه ليحفظ عن مضرة الماء الغريب ويأمن تغير مزاجه بسبب استنشاق الهواء المغاير للهواء المعتاد ثم إن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها‏.‏

- ‏(‏ق د ن عن عائشة‏)‏ ورواه عنها النسائي أيضاً‏.‏

6574 - ‏(‏كان إذا اشتكى‏)‏ أي مرض، والشكاية كما قال الزركشي المرض ‏(‏ورقاه جبريل قال بسم اللّه يبريك‏)‏ الاسم هنا يراد به المسمى فكأنه قال اللّه يبريك من قبيل ‏{‏سبح اسم ربك الأعلى‏}‏ ولفظ الاسم عبارة عن الكلمة الدالة على المسمى والمسمى هو مدلولها لكنه قال‏:‏ يتوسع فيوضع الاسم موضع المسمى مسامحة ذكره القرطبي ‏(‏من كل داء يشفيك ومن شر حاسد إذا حسد‏)‏ خصه بعد التعميم لخفاء شره ‏(‏وشر كل ذي عين‏)‏ من عطف الخاص على العام لأن كل عائن حاسد ولا عكس فلما كان الحاسد أعم كان تقديم الاستعاذة منه أهم وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعيون تصيبه تارة وتخطئه أخرى، فإن صادفته مكشوفاً لا وقاية عليه أثرت فيه ولا بد وإن صادفته حذراً شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام خابت فهو بمنزلة الرمي الحسي لكن هذا من النفوس والأرواح وذلك من الأجسام والأشباح، ولهذا قال ابن القيم‏:‏ استعاذ من الحاسد لأن روحه مؤذية للمحسود مؤثرة فيه أثراً بيناً لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية وهو أصل الإصابة بالعين فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة تقابل المحسود فتؤثر فيه بتلك الخاصة والتأثير كما يكون بالاتصال قد يكون بالمقابلة وبالرؤية وبتوجه الروح وبالأدعية والرقى والتعوذات وبالوهم والتخييل وغير ذلك، وفيه ندب الرقية بأسماء اللّه وبالعوذ الصحيحة من كل مرض وقع أو يتوقع وأنه لا ينافي التوكل ولا ينقصه، وإلا لكان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أحق الناس بتحاشيه فإن اللّه لم يزل يرقى نبيه في المقامات الشريفة والدرجات الرفيعة إلى أن قبضه وقد رقى في أمراضه حتى مرض موته فقد رقته عائشة في مرض موته ومسحته بيدها ويده وأقر ذلك‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الطب ‏(‏عن عائشة‏)‏ ورواه أيضا ابن ماجه في الطب والترمذي في الجنائز والنسائي في البعوث أربعتهم عن أبي سعيد مع خلف يسير والمعنى متقارب جداً‏.‏

5675 - ‏(‏كان إذا اشتكى اقتحم‏)‏ أي استف وفي رواية تقحم ‏(‏كفاً‏)‏ أي ملأ كفاً ‏(‏من شونيز‏)‏ بضم الشين المعجمة وهو الحبة السوداء ‏(‏وشرب عليه‏)‏ أي على أثر استفافه ‏(‏ماءاً وعسلاً‏)‏ أي ممزوجاً بعسل لأن لذلك سراً بديعاً في حفظ الصحة لا يهتدي إليه إلا خاصة الأطباء، ومنافع العسل لا تحصى حتى قال ابن القيم‏:‏ ما خلق لنا شيء في معناه أفضل منه ولا مثله ولا قريباً منه، ولم يكن معول الأطباء إلا عليه، وأكثر كتبهم لا يذكرون فيها السكر ألبتة‏.‏

- ‏(‏خط عن أنس‏)‏ ورواه عنه أيضاً باللفظ المزبور الطبراني في الأوسط‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه يحيى بن سعيد القطان ضعيف قال الحافظ العراقي وفيه الوليد بن شجاع‏.‏ قال أبو حاتم‏:‏ لا يحتج به‏.‏

‏[‏ص 103‏]‏ 6576 - ‏(‏كان إذا اشتكى أحدٌ رأسه‏)‏ أي وجع رأسه ‏(‏قال‏)‏ له ‏(‏اذهب فاحتجم‏)‏ فإن للحجامة أثراً بيناً في شفاء بعض أنواع الصداع فلا يجعل كلام النبوة الخاص الجزئي كلياً عاماً ولا الكلي العام جزئياً خاصاً وقس على ذلك ‏(‏وإذا اشتكى رجله‏)‏ أي وجع رجله ‏(‏قال‏)‏ له ‏(‏اذهب فاخضبها بالحناء‏)‏ لأنه بارد يابس محلل نافع من حرق النار والورم الحارّ وللعصب إذا ضمد به ويفعل في الجراحات فعل دم الأخوين، فلعل المراد هنا إذا اشتكى ألم رجله من إحدى هذه العلل، ومن خواصه العجيبة المجربة أنه إذا بدأ بصبي جدري وخضب به أسافل رجليه أمن على عينيه‏.‏

- ‏(‏طب عن سلمى امرأة أبي رافع‏)‏ داية فاطمة الزهراء، ومولاة صفية عمة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لها صحبة وأحاديث‏.‏

6577 - ‏(‏كان إذا أشفق من الحاجة ينساها ربط في خنصره‏)‏ بكسر الخاء والصاد كما في المصباح وهي أنثى ‏(‏أو في خاتمه الخيط‏)‏ ليتذكرها به والذكر والنسيان من اللّه إذا شاء ذكر وإذا شاء أنسى، وربط الخيط سبب من الأسباب لأنه نصب العين فإذا رآه ذكر ما نسي فهذا سبب موضوع دبره رب العالمين لعباده كسائر الأسباب كحرز الأشياء بالأبواب والأقفال والحراس وأصل اليقين وهم الأنبياء لا يضرهم الأسباب بل يتعين عليهم فعلها للتشريع فتدبر‏.‏